هاتف: +96597379393 | بريد الكتروني: [email protected]

المدونةماذا ينتظر إيران؟

ماذا ينتظر إيران؟

الثلاثاء 31/07/2018      الكاتب: حسين الصباغه

 

شهدنا مؤخرا تبادل تصريحات وتهديدا متبادلة بين الولايات المتحدة وايران، وتأتي تلك التصريحات في إطار الحملة التي بدأها الرئيس الامريكي منذ انسحابه من الاتفاق النووي ، ووصلت درجة التهديدات بأن الرئيس الايراني أعلن بصريح العبارة أن الحرب التي قد تشن على بلاده لن تنتهي الا عن طريق الطرف الايراني بنفسه وجاء رد ترامب بالمثل عندما أكد أن الولايات المتحدة لا تهدد!
الغريب هذه المره هو أن المسؤولين الايرانيين لم يتراجعوا بعد تهديدات ترامب وكان الرد من شتى المجالات السياسية والعسكرية كذلك ، وعلى ما يبدوا أن إيران أصبحت مقبلة لى حرب مفتوحه اعلاميا واقتصاديا وسياسيا بعد تعهد ترامب بتصفير صادراتها من النفط والرد الايراني بوقف العبور عبر مضيق هرمز ..!
والسؤال الذي يبادر إلى ذهن القارئ الآن .. ماذا يحصل وهل ستخرج تلك التصريحات عن إطارها الإعلامي ؟ هل سيكون صراعا واضحا أم بالوكالة ؟ هل المساحة الجغرافية لهذا الصراع محدودة أم لا خاصة بعد تصريحات سليماني الأخيرة!

سنقوم باختصار جملة من المحددات التي من شأنها أن تؤثر على السياسة التصعيدية الحاصلة، وعليه يمكن البناء علر مجموعة من السيناريوهات المقبلة في إطار العلاقة التاريخية بين الطرفين ..

إن المحددات الإيرانية تندرج تحتها جملة من المحددات منها: 
١- المحدد التاريخي:
ان العلاقة التاريخية الامريكية- الايرانية ليست على ما يرام منذ قيام الولايات المتحدة باسقاط حكومة مصدق في ١٩٥٣، بالاضافة الى عدم نسيان الشعب الايراني انشاء جهاز السافاك وهو ذراع الاستخبارات الامريكية في ايران وانشأ عام ١٩٥٧، بالاضافة الى وقوف الأمريكي الى جانب المقبور صدام حسين في الحرب العراقية - الايرانية، بالاضافة الى الدعم الغير معلن بشكل رسمي تجاه منظمة مجاهدي خلق والتي تقودها مريم رجوي.

٢- المحدد الداخلي:
يعاني النظام الايراني الداخلي من مجموعة محددات تجعل السياسة الداخلية غير واضحه ومبهمة بعض الشيء وتندرج تحتها التالي:
أ. المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي يبدي تحفظا على العلاقة مع الولايات المتحدة وغالب الأطراف الايرانية تؤيد هذا التوجه.
ب. رئيس الجمهورية حسن روحاني هو من أيد التفاوض مع الولايات المتحدة والغرب وهو من وقع في عهده الاتفاق النووي وتندرج رؤيته تحت الاعتدال والانفتاح مع الغرب لحل المشاكل السياسية والاقتصادية الايرانية، لكن انعكس موقفه وبات قريبا من المرشد في إطار التهديدات الأمريكية الأخيرة.
ج. التيار الإصلاحي ويضم مجموعة من الشخصيات البارزة التي تطالب بفتح مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة لكن بعد التصريحات الامريكية الاخيرة اعلن أعلى شخصية اصلاحية الرئيس الايراني السابق محمك خاتمي بأن التفاوض مع الولايات المتحدة تحت هذه الظروف هي عار ومرفوضه بشكل قاطع.
د. الحرس الثوري هو عبارة عن الذراع العسكرية لجماعة المحافظين والأصوليين وتندرج غالب مواقفهم من حيث المبدأ تحت مواقف المرشد آية الله علي خامنئي.

٣-المحدد الخارجي:
تندرج تحتها عدم رغبة ايران في الحرب لان مسألة التصعيد قد يكلفها خسارة ما حققته من الاتفاق النووي والتعاطف الدولي حتى ان لم يحقق المكتسبات التي وقع لأجله الاتفاق الا انه اعطاها دور اقليمي ودور تفاوضي مع الغرب لتحقق التوازن المطلوب في المجتمع الدولي، وعليه سيكون من الصعب على ايران اشعال فتيل الأزمة مع الولايات المتحدة، لكن قد تكون مضطره ان وصلت الأمور الى عواقب غير محسوبه.

أما المحددات الأمريكية فتندرج تحتها التالي:
١- المحدد الداخلي:
ان الصراع الامريكي الداخلي بين الجمهوريين والديمقراطيين مقبل في انتخابات الكونغريس الأمريكي الذي يسعى فيها الحزب الحمهوري للمحافظة على أغلبيته مستغلين المفاوضات الأمريكية المباشرة مع كوريا الشمالية وعليه ستكون تلك الأمور مؤثرة في السلوك الأمريكي تجاه إيران.
٢- المحدد الخارجي:
وتندرج تحتها ضمان أمن حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة وتحجيم دور إيران الاقليمي وحماية إسرائيل من الجماعات المدعومة ايرانيا مثل (حزب الله) ، بالاضافة الى حذر الولايات المتحدة من أي سلوك قد يؤثر على أمن الطاقة (النفط والغاز) في المنطقة واستقرار الأنظمة السياسية التابعة لها، بالاضافة الى حذر الولايات المتحدة من سلوكها الذي يؤدي الى اصطفاف كل النخب السياسية الايرانية تحت خانة المعاداة لها.

وبناء على تلك المحددات الخاصة بالطرفين تندرج جملة من السيناريوهات المتوقعة وهي كالتالي:
١- الصدام المباشر:
يعتبر هذا السيناريو الأسوأ وهو من وجهة نظر الباحثين والمحللين الصادقين هو المستبعد إلى حد ما لجملة من الأسباب أهمها العوامل الميدانية والدولية والتي ستنعكس بالضرورة على الأسواق العالمية، كما يعلم الطرفين الأمريكي والايراني ان هذا الخيار هو مدمر للمنطقة ولإيران كدولة وصعوبة ايجاد منظومة امنية في المنطقة مستقبلا اذا فعّل هذا الخيار، وان ما سيحصل من نزوح لن يعني ايران فقط بقدر ما يعني المنطقة بأسرها وهو ما يفوق ما حصل في سوريا بأضعاف، وان الحرب مع ايرن لن يكون حربا احاديه بقدر ما هو تدخل الحلفاء في دائرة الصراع وعليه فإن الشكل الصراع لا يمكن التنبؤ به بتاتا لصعوبة تقدير الموقف.

٢- رفع السقف للجلوس على طاولة الحوار والتسويه
في عام ٢٠١٢ كانت ايران في ظروف صعبة جدا وتحت عقوبات مدمرة ورفع حينها احمد نجاد السقف عاليا مع الولايات المتحدة حتى قادت عُمان فتح قنوات التفاوض الايرانية-الامريكية ، والسؤال المهم هنا هل هناك من سيقوم بدور مماثل للدور العماني في ذلك الوقت ؟ وعليه قد لا نشهد هدنة بل قد نشهد مقايضة في توزيع المصالح تمهيدا للهدنة والمعروف عن ترامب (تاجر) وايران بالنسبة له وجها متعدد الأطراف يمكن استغلاله بأهميه لدى الادارة الأمريكية.

٣- استمرار الوضع على ما هو عليه من ضغوط وعقوبات وهو ما يقودنا نحو الحرب بالوكالةفي أكثر من ساحة بالمنطقة وهو سيناريو غير مستبعد (وهو على الأرجح الأقرب) في ظل انهيار اقتصادي ايراني داخلي وتصعيد حوثي مؤخرا في مضيق باب المندب وتم على اثره وقف تصدير النفط من خلاله.

ختاماً من المتوقع أن يستمر التصعيد الكلامي بين الادرايتين الامريكية والايرانية وسيبقى محصورا في اطار الاستعراض الاعلامي لا يرتقي الى حرب بين الطرفين بشكل مباشر او غير مباشر لادراكهم بكلفة هذه المواجهة ورفض المجتمع الدولي لها، وعلم الادراة الامريكية برفض روسيا والاتحاد الاوروبي لتدهور الأوضاع لكن ما يريده ترامب هو تحقيق مكاسب بالاستفادة من حلفاءه قدر الامكان وحفاظا على موقعه في الفترة القادمة من الانتخابات الامريكية المقبلة في العام القادم، اما ايران فتريد الابقاء على مكاسبها الدولية والاقليمية مع الاستعداد لتقديم تضحيات كبيرة ومؤلمة تجاه المطالب الامريكية المباشرة (لا مطالب اسرائيل او غيرها).

 

 

أضف تعليق