هاتف: +96597379393 | بريد الكتروني: [email protected]

المدونةقراءة في المشهد الدولي

قراءة في المشهد الدولي

الأحد 08/10/2017      الكاتب: حسين الصباغة

 

كانت الجلسات الأممية الأخيرة محط أنظار العالم بأسره فالمتغيرات التي طرأت في الساحة الدولية باتت أشبه بما يسمى بالتغيرات الهائلة، حيث أثبتت أن العالم بات فيه صراع متعدد للقوى ومتعدد الأقطاب مؤشرا إلى نهاية الأحادية القطبية برعاية الولايات المتحدة.

وأن الكلمات التي دارت داخل أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة أكدت أن الشعوب نهضت من سباتها بعد عقود من الاستغفال والاستغلال، وأصبح لازما إصلاح الأمم المتحدة بما تتناسب مع الوضع الدولي الحالي ورغبات شعوب العالم بأسرها لإعادتها كمنظمة فاعله تلغي استغلال الولايات المتحدة وفرض هيمنتها باسم السلام والأمن.

نقطة التحول كانت ولازالت مقتنعا بها هو الاتفاق النووي الإيراني، فالمفاوضات التي دارت 5+1 كانت لها الأثر في نجاح الدول باحتواء البرنامج النووي الإيراني مقابل رفع العقوبات وإعادتها دولياً، وهو ما أكده تعامل فرنسا مؤخرا مع إيران بداية من إبرام الصفقات حتى تطور العلاقات السياسية واللقاء الحميم بين الرئيسين الفرنسي والإيراني في أروقة جمعية الأمم المتحدة، وباتت تلك العلاقة متبادلة في ظل التزام إيراني وفق تقارير الوكالة الذرية بالاتفاق وإشادة الدول المتفقة معها بخلاف رأي الإدارة الأمريكية التي أكدت أنها في طور القرار ما بين المضي بالاتفاق أو الانسحاب منه لعدم انسجام إيران مع ما يسمونه "روح الاتفاق" وهي مصطلحات مطاطة لفرض الوصاية السياسية واستعراض العضلات، فهناك سؤال لابد من سؤاله هل الإدارة الأمريكية على صواب في تعاملها مع الملف .. هل فرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي والصين وروسيا على خطأ في رأيهم بالاتفاق النووي والغدارة الأمريكية وحدها على صواب أم ماذا؟

هذا يؤكد لنا أن التصريحات التي أدلى بها الرئيس الأمريكي ترامب ليست سوى لرفع الحرج والتخفيف من الضغوط الداخلية التي تمارس عليه وهو حقيقة ما يؤكد استمرار الوهم الأمريكية ببقائها كقوة وحيدة بالعالم وأن العالم أحادي القطبية بالرغم من أن الواقع بات يقول عكس ذلك، فالشركات الأوروبية لا ترى في الدول سوى مصالحها وهي حقيقة ثابته وان الاختلافات هي اختلافات مصالح لا أكثر.

كما أن من المتغيرات المهمة التي أدت إلى جعل العالم متعدد الأقطاب (كما ذكرته في كتابي – النظام العالمي الجديد "دراسة سياسية استراتيجية") هي ازدواجية القيم الأخلاقية والإنسانية وهي ما بات يعيق تحركات الدول الكبرى التي تناقض نفسها بسياستها وهو ما جعل العالم بأسره ينتقد ما قاله ترامب في خطابه من سذاجة سياسية ركيكة وهو لا يلام حقيقة لأنه لم يعد باستطاعته تقديم لغة مقنعة تظهرهم بشكل أخلاقي أمام العالم لتناقض سياساتهم وتفاوت رؤياهم حسب الدول والمصالح لا المبادئ.

فصعود روسيا إلى سدة القوى العالمية جعل العالم متوازنا في محاربة السياسات اللامدروسة والتي ساهمت بصعود الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط على وجه التحديد من ضمنها "داعش" والتي نجحت فيه روسيا بالتعاون مع الجيش العربي السوري بدحرها واستعادة السيطرة على المناطق التي كانت تحت سيطرتها تواليا على عكس ما صرح به الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما باعتبارها مهمة صعبة وطويلة الأمد إلا أنها في الحقيقة أصبحت اليوم واقعا بفضل العمل الجدي والرغبة الواضحة لدحر الإرهاب والسعي إلى عدم تفشيه بالمنطقة.

لذلك أصبحت العلاقات الدولية اليوم بحاجة إلى علاقات لا تملى فيها الشروط واحترام اختلافات الدول وعدم السعي إلى الهيمنة عليها وعلى قراراتها السيادة واحترام حق الشعوب في تحديد مصيرها دون جعل الأسرة الدولية حجر عثرة في تحقيق رغبات تلك الشعوب، وأن تكون علاقات الدول متوازنة ما بين علاقات متلاقيه وأخرى متعاكسة من أجل وضع ملامح جديدة للمستقبل الدولي والذي لن تكون فيه بالتأكيد الولايات المتحدة أو أوروبا بالقوة التي نراها اليوم.

 

بعيدا عن المشهد الدولي:

ما يحصل في كردستان هي مغامرة فاشلة نتيجة لسياسات غير مدروسة، ستفشل الدولة قبل قيامها لأن من عوامل نجاح قيام أي دولة أن تكون هناك موارد كما هي جنوب السودان وأن تكون هناك رغبة دولية في ولادة تلك الدولة وبالأخص من الجيران وهو ما لن تحصل عليه كردستان من قبل الدول المجاورة لها سواء إيران أو تركيا أو العراق أو سوريا.

وأنه في الحقيقة كل داعم لكردستان من خلف الكواليس هو لمصالح اقتصاديه أهمها حقول النفط في شمال العراق، وأن كل من يدعم الانفصال سيكون عرضة للكي منه لاحقاً.

 

دمتم بود

 

 

أضف تعليق