هاتف: +96597379393 | بريد الكتروني: [email protected]

المدونةقراءة تاريخية: من الإمامية إلى الإثني عشرية

قراءة تاريخية: من الإمامية إلى الإثني عشرية

الجمعة 29/09/2017      الكاتب: حسين الصباغة

 

إن مراحل النمو الأساسية للعقيدة ساهمت بتطور نظرية الإمامة الشيعية تدريجيا حتى أوساط القرن الثاني للهجرة، حيث مهدت فكرة أساسية جديدة اتخذت صيغة العقيدة، وهي الإيمان بوجود إثنى عشر إماما يظل آخرهم في حالة غيبة حتى رجوعه نهائيا ليكون المهدي أو القائم. وتقسم هذه الغيبة إلى غيبة صغرى وهي قصيرة امتدت بين العامين (260هـ-329هـ) وطوال هذه الفترة مثل الإمام على الأرض أربعة سفراء متتالون. أما الغيبة الكبرى فهي طويلة ولا يعرف مدى امتدادها إلا الله عز وجل، وباتت هذه العقيدة ما يميز الشيعة الإثنى عشرية من الإمامية القديمة، وقد انقسمت الجماعات الشيعية إثر وفاة الحسن العسكري.

وقد اعتمد المؤلفون الشيعة الإثنا عشريون القدامى إثبات صحة عقيدة الأئمة الإثنى عشر عبر طرق أساسية:

1- براهين مستقاة من القرآن:

بحيث أصبحت الآيات القرآنية التي يرد فيها الرقم 12 محل اهتمام المتكلمين الشيعة.

2- أدلة مستقاة من المأثورات الشيعية:

بحيث يمكن تصنيف الأخبار المتعلقة بالموضوع إلى فئتين، الأول أخبار تدل على وثائق متعددة تعود إلى عهد الرسول (ص)، وتظهر فيها أسماء الأئمة الإثنى عشر بشكل مفصل، إحداها اللوح الذي رآه الصحابي جابر بن عبدالله حسبما ذكره بنفسه في بيت فاطمة الزهراء، ووثيقة أخرى هي الصحيفة التي أعطاها الرسول (ص) لعلي والتي يقال أنها تتألف من إثنى عشر باباً على كل منها ختم منفصل، والوثيقة الثالثة الذي يفترض بها أن تعود إلى ألفي سنه قبل خلق آدم وقد استخرجها جعفر الصادق كما يقال من ثمرة نخلة كان قد زرعها وتتضمن الشهادتين إلى جانب أسماء الأئمة الإثنى عشر.

أما الفئة الثانية التي تناولت أحاديث الرسول (ص) في روايات الغدير وقد أشار بها إلى إمامة علي والحسن والحسين وتسعة من أبناء الحسين عليهم السلام وأطلق عليهم اسم الراشدين المهديين أو المحدثين.

3- أدلة مستقاة من تراث أهل السنة:

لذلك استشهدوا المؤلفون الشيعة بأقوال أهل السنة، وأكثرها شهره هو الحديث الذي أعلن فيه الرسول (ص) أن إثنى عشر خليفة أو أميرا سيخلفونه بعد موته وجميعهم من قريش، وأن هذا الحديث مقتبس من الصحابي جابر بن سمرة وإحدى رواياته إلى عبدالله بن عمر وإلى غيرهم من الصحابة الكرام.

ويرى العلماء الإثنى عشريون أن الاعتقاد بغيبة آخر الأئمة هو نتيجة مباشرة للاعتقاد بالأئمة الإثني عشر. فالنعماني الذي أنجز كتاب "الغيبة" بعد 13 سنة من الغيبة الكبرى يستشهد بقول لجعفر الصادق مفادة أن الغيبة الأولى ستكون الأطول، كما تباين وصف مدة كل من من الغيبتين الأولى والثانية وأيتهما ستكون الأطول حتى تقرر لاحقا أن الغيبة الثانية "الغيبة التامة" هي أطولهما.

وقد بني علماء الكلام الشيعة اعتقادهم بغيبتين نسبة إلى أنبياء مختلفين أولهم إبراهيم عليه السلام في غيبته بسبب وحشية نمرود أما الثاني فمحمد (ص) من خلال الاختباء في الغار.

كما أن النقطة الأساسية التي لا يجب أن تغيب عن الأذهان هي أن الرقم 12 وفكرة الغيبة كانا حافزين قديمين جدا في التاريخ الإسلامي كما ظهرت في الحضارات القديمة مثل أسباط بني إسرائيل الإثني عشر وحواري عيسى الإثنى عشر.

لذلك كان يجب النظر إلى الأحاديث المذكورة آنفا حول الخلفاء الإثنى عشر ويمكن العثور عليها في "كتاب الفتن" لنعيم بن حماد وفي مسند ابن حنبل وفي صحيح البخاري.

وبالعودة إلى موضوع الغيبة، كانت الفرق الشيعية أهم مؤيد لنظرية الغيبة وأرادت أن تثبت أن أحد الآئمة وهو تحديدا الإمام الأخير قد دخل في غيبة وسيظهر باعتباره المهدي المنتظر، وبالتالي يظهر جليا أن المصادر التي ارتكزت عليها الإثنا عشرية الشيعية كانت موجودة قبل الغيبة الصغرى بوقت بعيد، وكان لابد من استخدامها لمصحلة العقيدة الإثنى عشرية الحديثة النشأة.

وأن من الأسباب الكامنة وراء الاختفاء المنسوب للإمام الثاني عشر في حقبة معينة من تاريخ الشيعة بسبب:

  1. الاضطهادات التي مارسها العباسيون حتى بلغت درجة لا تطاق.
  2. تزامنت هذه الاضطهادات شعور متزايد بالقنوط بين الشيعة الإمامية والزيديين بذلك الوقت.
  3. مهد ذلك إلغاء السلطة الأوتقراطية التي تحكم بها شخص واحد وهي التي ساهمت بتدفق الأفكار والخواطر وساهمت في ازدهار أدب الشيعة وعقيدتهم ببصماتها.

لذلك أرست الأجيال السابقة أساس هذا الحدث العقائدي ذي الأهمية القصوى بالانتقال من الإمامية إلى الإثني عشرية عملية سلسلة وطبيعية نسبيا.

دمتم بود

 

 

أضف تعليق