هاتف: +96597379393 | بريد الكتروني: [email protected]

المدونةالصلاة الموحدة واللحمة الوطنية

الصلاة الموحدة واللحمة الوطنية

الإثنين 06/07/2015      الكاتب: أ. حسين الصباغة

 

كانت الصلاة الموحدة الجمعة الماضية في الكويت هي عنوان عريض ورسالة صريحة للتطرف الذي تمر به المنطقة ، حيث تبعها الصلاة في الطائف "شرق السعودية" وكذلك في جماعة طهران "إيران" ، وهذا إن دل فيدل على قبول الفكرة شكلاً ومضموناً على الرغم من الحالة الصعبة التي نمر بها اليوم على المستوى الأمني والفكري في المنطقة.

كما أن هناك من حاول للنيل من تلك البادرة التي تقدم بها سمو أمير البلاد  من خلال التقليل من قيمتها أو تشويهها بحجج دينية واهية لا منطق فيها أو عقل ، وهناك صف آخر وصفها بالعلاج الفعال لأزمة التطرف الديني الذي نعاني منه اليوم ، وبكل أسف أنني أتعارض من الرأيين ولا أتفق معهما بتاتاً.

لأن من عارض الفكرة معارضة مطلقة فهو يمحي من قاموسه عنوان التسامح الذي نسعى إلى فرضة ولو كان بقوة القانون ، اما الطرف الآخر فينظر للمسألة كحملة إعلانية لا علاج لمشكلة متأصلة في مجتمع عاش على التمييز بين المذهب والآخر وسط صمت حكومي طوال السنين الماضية ،  بالإضافة إلى انحدار المنطقة نحو تطرق غير مسبوق ، فالحرب الطاحنة التي مرت بها أوروبا سابقاً كانت هي حروب حضارات ، إلا أنها انحدرت اليوم وأصبحنا اليوم في حرب مذهبية لا حضارية ، على الرغم من أن الخاسر الأكبر فيها هو الإسلام ولا غيره.

لذلك في الغالب لن يستمع لوجهة نظري العديد ممن يقرؤون هذا المقال ، إلا أنني سأوضح المعنى بالفكرة الأساسية له ، على الرغم من أن بادرة الصلاة الموحدة هي بادرة كريمة وفزعة شعبية رائعة إلا أنني أعتبرها بمثابة المخدر المؤقت لمسألة تستحق إعادة النظر وتشريع القوانين لوضع علاج نهائي لها ، فالكويت كبلد جغرافي صغير جداً وسط ثلاث دول كبرى فيها حروب مذهبية طاحنه ، ومن الطبيعي أن يكون تأثير تلك الدول طاغي علينا بحكم موقعنا وحجمنا وتركيبتنا السكانية المتنوعة وهذه من جهة ، أما الجهة الأهم من ذلك هو أن الله سبحانه وتعالى جعل التنوع والاختلاف هو الأصل ، فلا يعني صلاة السني خلف الشيعي والعكس هو مؤشر لدحر الاختلاف المذهبي الفقهي وليس السياسي ، أو بمثابة حل منطقي لتلك المشكلة بل يكون الحل المنطقي في زرع عقلية قبول الاختلاف الفكري والمذهبي ، على أنه الأصل في كل شيء ، فالله سبحانه وتعالى خلق الناس طبقات وهذا دليل على أنه لم يخلقنا من طبقة واحدة أي أنه أكد على مبدأ الاختلاف ، كذلك خلقنا نحن البشر ألوان وهذا ما يدعم فكرة الاختلاف ، لذلك علينا قبول فكرة الاختلاف شكلاً ومضموناً ، وهي مفتاح حل الحرب المذهبية ، لأن الحرب المذهبية التي تمر بها المنطقة هي حرب إلغاء الآخر ، أو بمعنى آخر رفض الاختلاف على أننا نحن الفرقة الناجية ولا أحد سوانا!

لذلك حتى لا أطيل عليكم ، علينا أن نعلم جيداً أنه وبالرغم من مرور أسبوعين إلا تقريبا على تفجيرات مسجد الإمام الصادق في الكويت ، إلا أننا لم نرى تحركاً واضحاً من قبل الحكومة نحو تعزيز وتغيير عقلية المواطنين وجعلهم يؤمنون بأهمية الاختلاف الفكري والمذهبي والعرقي والذوبان في قالب واحد ، وهو قالب الوطن ، والعمل على تشريعات تعزز دور المواطنة في حفظ حقوق الأقليات الاجتماعية والمذهبية في بادرة حقيقية نحو حماية هذا الوطن ، وإن لم تبادر الحكومة واستمرت على ما هي علية في مجاملات وترك الأمور على ما عليها ، فلن يكون هناك علاج قريب لتلك المشكلة مما ينذر البلد بوقوعها لمشاكل قد تكلفهم البلد بأسره ، اللهم إني بلغت ، اللهم فاشهد.

 

 

أضف تعليق