هاتف: +96597379393 | بريد الكتروني: [email protected]

المدونة لنرى أين المشكلة أصلاً ؟

لنرى أين المشكلة أصلاً ؟

الثلاثاء 16/06/2015      الكاتب: أ. حسين الصباغة

 

سأنقل لكم تفسيراً مبسطاً لما طرحه أحد الكتاب من تكبير على أصل المشكلة في العالم العربي والتي أود نقلها لكم بصورة مبسطة حتى يستفيد منها الآخرين هذا من واجب أخلاقي أتبناه شخصياً في تعزيز دور الوعي الثقافي ورفع المستوى المجتمعي في وطني أو على الصعيد العربي ، ولكم تبسيطاً لما طرحه الكاتب الفاضل أحمد الشرقاوي :

المشكلة التي كانت في قدم الدولة الإسلامية ما بعد زمن الرسالة، هي هيمنة الدولة على سيادة الأفكار من خلال أدوات القهر والقمع في تفسيرها للنصوص حتى لو تعارض مع العقل والمنطق، بدءاً من مقولة أن الله يزرع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، وما اختلف الماضي بالحاضر إلا بتلك الأدوات، حيث بالماضي كانت تفرض الأفكار بحد السيف (أي يقتل المحالف للمعنى الذي يقوله فقهاء السلطان) وسرى ذلك حتى عهد المعتزلة (الذين تميزوا بتفضيل العقل بديلاً عن النقل كما قام به الخليفة المأمون من فرض عقيدة القرآن بقوة السلطة وسلطان السيف على سبيل المثال لا الحصر، فيما تفرض اليوم سلطة الدولة المعنوية بالمال وقهر الإعلام حتى لو كان من خلال الكذب والتزوير والخديعة وشراء الذمم.

لذلك ما يمر به الوطن العربي اليوم من انهيار حضاري وتخلف فكري نتيجة الجهل والاستبداد والفساد الداخلي من جهة، والهجوم الاستعماري الخارجي الناعم من جهة أخرى، أصبح المواطن العربي عاجزاً عن التمييز بين الحق والباطل بالفطرة ، بين الأصول والفروع في الدين بالمعرفة، بين المبادئ والمصالح في السياسة بالتجربة وبين الثابت والمتحول في سنن الله الكوت والخلق بالعبرة التاريخية.

على الرغم من أن المسلمين نظرياً يلتقون حول الأصول في العقيدة ويتفقون على أن وحدة الأمة ضرورة لا يكتمل الواجب إلا بها في قوله تعالى : (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) الأنبياء: 92 ، وتأكيده على نفس المعنى في سياق التقوى لا يكتمل إلا من خلال الإيمان بها في قوله تعالى : (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) المؤمنون: 52 ، إلا أن الواقع بكل أسف مختلف تماماً ولا علاقة له بتعاليم الله ولا سنه رسوله .

ولذلك تكمن المشكلة لإقامة دولة إسلامية لجميع المسلمين في سوء فهمهم للدين وضيق رؤيتهم للخلق، ونظراً لاستحاله إقامة حكم مركزي أممي لكل المسلمين، لأنه يتطلب فصلاً بين الشأن السياسي الدنيوي والثقافي والاقتصادي، وبين الشأن الديني الروحي على أن تكون له السلطة المعنوية الفوقية على الشأن السياسي وهو ما يطلبه النموذج القرآني إن كنا نريد تطبيقه.

كما أن المعضلة المهمة هو أن المؤمنين وفق المفهوم القرآني يشمل اتباع كل الرسل والرسالات لا إتباع النبي محمد فقط، وهو ما تفطن له السلف فاقترحوا صفة أمير المؤمنين ووضعوا الجهاد كشرط أساسي للمنصب.

والسؤال هنا هل الجهاد الذي عرف بالفتوحات في التاريخ الإسلامي كان لنشر الإسلام بحد السيف أم كانت بدافع الغنيمة؟

لأن فهمنا للقرآن يوصلنا لخلاصة مفادها أن الله تعالى يحرم الإكراه في الدين ويقول للناس أجمعين: أنتم أحرار في الدنيا، من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إن الله غني عن العالمين.

كما أن مصطلح الخلافة القرآني خصها الله تعالى على عباده كافة المؤمن وغير المؤمن لأن الخير جوهر والشر يزول، وفق نظرية يستبل الله السيئات بالحسنات بشرط التوبة، وبهذا المعنى فكل الناس خلفاء الله في الأرض.

فلماذا لم يوحد القرآن الأمة ولم تجمعهم السنة ؟

لأن المذاهب التي يفترض أن تشكل اجتهادات حول الفروع وتكون قابلة للأخذ والرد، إيمانا بأن الاختلاف رحمة ومن دونه لا يكون للتجربة الأرضية طعم ولا معنى، إلا أن الفروق بدأت على شكل اختلافات بسيطة على المستوى الفروع تطورت بسرعة إلى خلافات عميقة طالت الأصول كذلك، كما في مجال التوحيد على سبيل المثال حيث أصبح لكل شخص إلهه يراه بنظره يختلف عن نظرة الشخص الآخر، وطالت مجال العدل حيث أصبح لكل شريعته التي يراها أنها تمثل شرع الله وظلت الحقيقة القرآنية بعيدة عن مجال علماء الشريعة ولم يعمل بها إلا العارفون بالله، وحيث اكتشفوا بعضا من معالمها بالفيض والإشراق، فضلوا الحديث عنها فيما بينهم بالرمز والإشارة بدل العبارة، ومن ينطق بتلك الأسرار فصل رأسه عن جسده من بعض فقهاء الظاهر.

لذلك افترقت الأمة إلى 73 فرقة وفق للحديث المنسوب للنبي والمتناقض جملة وتفصيلاً مع تعاليم القرآن، وبالتالي أصبح لدينا فرقة واحدة ناجية والباقي بالنار! لكن لا أحد يعلم يقينا من هي هذه الفرقة الناجية، حتى أصبحنا نرى الإسلام يختزل في الطائفة والمذهب والتيار والفرقة والجماعة والحزب والتنظيم، وأصبحنا نرى المسلم يكفر المسلم ويستبيح دمه وماله وعرضه بناء على هذا الفهم المنحرف للدين، ولنا في ما يحدث في سوريا والعراق من تكفير مثال حي على ما أقول فعن أي إسلام نتحدث؟

وبذلك أصبح من الصعوبة إقناع الناس بأن الإسلام هو دين العالمين، بالرغم من أن القرآن في حقيقة الأمر هو صحف إبراهيم وسفر مزامير داود وتوراة موسى وإنجيل عيسى وأخلاق محمد  بل وكل ما بعث به الله تعالى رسله إلى عباده عبر التاريخ، ومن يعتقد خلاف هذا الفهم فهو آخر من يحق له الحديث عن الإسلام.

كما أصبح من الصعوبة إقناع المسلم العادي قبل غيره بأن مفاتيح ملكوت السماء لا يملكها الفقهاء، وأن المؤمنين الناجين ليسوا فرقة واحدة من 73 فرقة كما ذكره الحديث المنسوب، بل كل من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فهو مؤمن لا خوف عليه ولا هم يحزنون، لقوله تعالى : (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) البقرة: 62 ، وهذه هي القواعد الثلاثة التي تتكرر في القرآن باعتبارها من الأصول في أكثر من آية وهي التطبيق المنهجي للحياة الأساسية التي يجب أن نسير على منهجها إن كنا نأمل التعايش السلمي في الوطن العربي.

 

 

أضف تعليق