هاتف: +96597379393 | بريد الكتروني: [email protected]

المدونةمستقبل المنطقة من الآخر ..

مستقبل المنطقة من الآخر ..

الثلاثاء 05/05/2015      الكاتب: أ. حسين الصباغة

 

كما عودتكم دائما بالعودة إلى ما يدور في المنطقة العربية وبالأخص فيما يدور بالسياسة الدولية والاستراتيجية ، فالأحداث الدائرة لها مؤشرات قادمة وما سيدور خلال الشهرين القادمين يلزم علينا البحث والعمل نحو توقع ما هو قادم على مستوى السياسات العامة في المنطقة وبالأخص منطقة الخليج والشرق الأوسط، وطبعا دائما ما تكون التوقعات في محلها وكذلك في غير محلها بناء على الظروف والمتغيرات التي تحدث بشكل متوقع أو غير متوقع .

ما حصل من تغييرات سياسة في المملكة العربية السعودية كانت تغييرات ذو حدين ، الأولى منها ما طرحه البعض على أنها تغيير لمراكز الحكم الذي وضعه الملك عبدالله رحمه الله ، والثانية الذي يراه إصلاحاً ضروريا بعد الأحداث السياسية الأخيرة ، لكن أنا ما يهمني في تفسير هذه المسألة هو البعد الخارجي لها ، فالتغييرات السياسية في العالم لها قسمين إما أن تكون من خلال الانتخابات عبر الأنظمة الديمقراطية أو عن طريق التعيين كما هو حالنا في منطقة الخليج العربي ولا غبار في ذلك ، لكن التغييرات الدستورية في تركيا ، بالإضافة إلى عدم تشكيل حكومة صهيونية بقيادة النتن ياهو ، فيها مؤشرات عديدة على أن هناك ما يدور تحت الطاولة لإدارة المرحلة المقبلة ، لذلك فكان توقعي على التغييرات الحاصلة في المملكة العربية السعودية جاءت عبر توصية من الولايات المتحدة الأمريكية بتحديث جيل الأسرة الحاكمة ووضع الشباب فيها وأكثر حداثة سياسياً ، مختلفة عن السياسات السعودية السابقة ، وأهم تلك التغييرات هو التغيير في الخارجية السعودية بالسفير السابق للملكة لدى الولايات المتحدة الأمريكية عادل الجبير مكان الامير سعود الفيصل ،  كما أنه من المهم أن نربط ذلك بأن تلك التغييرات جاءت قبل الاجتماع بكامب ديفيد مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما بأسابيع قليلة جداً رابطين كذلك تصريح أوباما بأن الخطر الخليجي من الداخل لا من الخارج والذي كان قبل شهر من اليوم وتحديداً في 06/أبريل/2015 ، لذلك كانت تلك التغييرات هي السبب للحفاظ على الوحدة وهو ما انعكس بسرعه على الغدارة الامريكية حول تلك التغييرات بقولها إنها تشعر بالارتياح لتصعيد وجوه شابه لسلم الحكم في السعودية ، والآن يستفسر الجميع من يقرأ منكم تلك المقالة ، ما جدى تلك التغييرات في الوضع السياسي بالمنطقة ؟

من المتوقع أنه خلال شهرين تقريبا سيتم التوقيع على الاتفاق النووي الإيراني الذي أعلن الاتفاق عليه في الفترة الماضية ، وبنفس هذه الفترة سيتم التفاوض على الكثير من الملفات العالقة من ضمنها الملف السوري واليمني وأن الاتفاق النووي سيبقى أساس المفاوضات القادمة لتلك الملفات ، فالولايات المتحدة عملت بشكل جدي على تغيير المنطقة من أجل تحقيق النظام الذي يجعلها موجودة كقوة عظمى في المنطقة ويسمح لحلفائها في الشرق الأوسط بالتحالف من خلال تحقيق الاعتدال العربي ، وتتفرغ الولايات المتحدة للصراع مع آسيا المستقبل ، لكن كل ذلك إلى الآن لم يتحقق وهذا يتطلب تغييرات داخلية بالإضافة إلى الاقتراب من تحقيق الاتفاق النووي وهو ما جعل السياسة القادمة هو التفاوض مع القوة التي كانت تعاديها "إيران" لحين تغيير موازين القوى على الأرض خلال الشهرين القادمين لكسب قوة في التفاوض من خلال الاعتماد على أنفسكم ، لأنه إن تم انجاح تلك المسألة سيتم تأجيل الاتفاق النووي والمضي بالاتفاق السابق ، لكن إن فشل فسيتم الاتفاق وعليكم ترتيب أوراقكم للاستدارة الكبرى في المنطقة "أي أن الحليف الجديد هي إيران".

وعلينا بربط تلك الفرضية بسلسلة من الاحداث المهمة التي لم يسلط عليها الإعلام الضوء الكافي منها ، استقالة مدير المخابرات التركي حقان فيدان خلال جولة أردوغان اللاتينية ، وزيارة أردوغان للمملكة العربية السعودية لإعادة ترتيب الأوراق بما يتناسب مع المرحلة المقبلة وتعزيز الأمن الداخلي والتفرغ للملف السوري من خلال اسقاط حلب من سيطرة نظام الأسد كخرق للشمال السوري ، لذلك قبل أن يكون هناك أي انتصار إيراني في اليمن تم البدء بعاصفة الحزم وقطع الطريق بصورة مباشرة ، بالإضافة إلى الحدث المهم هو زيارة ولي ولي العهد السعودي الامير محمد بن نايف لأنقره قبل زيارة أردوغان لإيران واستغرق الاجتماع ساعتين لا أكثر وهو متابعة آخر التطورات حول ما يحصل في ريف أدلب وحماة وحمص والرقة من أجل تمكين جبهة النصرة ودعمها على محاربة النظام في سوريا ، ومن أجل ارباك النظام السوري عسكريا وسياسياً ، وقطع طريق الإمداد الرئيسي عن حلب ، وهو ما جعل تركيا تتدخل بصفة مباشرة عبر قصف جسر الشغور في سوريا .

لذلك أردوغان يعلم جيداً أنه في حال فشل المهمة التركية في سوريا يعني الكارثة وهو الذي قال بأن تركيا لم تعد قادرة على مواصلة الطريق بعربة مهترئة وقودها موشكاً على النفاذ ، وهو ما جعلة يوقع اتفاقيات مبدئية مع إيران ليضمن في حال فشله في الملف السوري ستكون إيران هي الحليف الجديد أسوة بالولايات المتحدة الأمريكية التي صرحت بذات الشأن سابقاً ، وما حصل في آخر الأحداث اليوم هو أن جيش النظام السوري فتح طريق سهل الغالب بريف حماة وإدلب ، وفشل أردوغان بخلق اتصال عبر الأرياف بسبب عزل أدواته السياسية عن بعضها البعض ، وهو ما أكده وزير الدفاع السوري في طهران حول محاربته للإرهاب داخل وخارج سوريا ، لذلك فإن الشهرين القادميين سيبقون المنطقة على صفيح من لهب .

 

 

أضف تعليق